حراك آل تميم الداري حراك آل تميم الداري
بـسـم الله الرحـمـن الرحـيـم
سماحة المفتي العام الشيخ محمد حسين حفظه الله
الموضوع:- القرار الصادر عن رئيس السلطة الفلسطينية القاضي بإستملاك قطعة الارض رقم 197 حوض 34405 خلة المغاربة – الخليل ” المعروفة بالمسكوبية” لصالح البعثة الروسية لبطريركية موسكو/القدس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من المسائل التي سمت عن الشرح والبيان مكانة العلماء في أمتنا … فهم ورثة الأنبياء التي أُسندت إليهم القوامة على دين الله تبارك وتعالى بعدما ختمت الرسالة وتمت النعمة. إذ هم بما أفاء الله عليهم ملجأ كل مسلم في الإخبار عن حكم الله تبارك وتعالى فيما يقع في كونه وخلقه. يقول العلامة ابن القيم رحمه الله في مدونه أعلام الموقعين عن رب العالمين ما نصه ” العلماء هم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء بهم يهتدي الحيران في الظلماء؛ وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب”
ومن نافلة القول أن كتمان العلم وحبس الحكم الشرعي عن طالبه يعتبر ذنباً عظيماً وجرماً مبيناً لقول الحق تبارك وتعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون)
ولما صح عن نبينا عليه السلام قوله ” من سئل عن علم وكتمه ألجمه الله بلجامٍ من نار يوم القيامة “.
سماحة المفتي العام
سنداً لذلك وتأسياً عليه نرجو إعلامكم بما يلي:-
1ـ القطعة الموصوفة أعلاه هي جزء من الأرض الوقفية التي أوقفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابي الجليل تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، وذلك على نحو ما ورد في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام.
بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما أنطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتميم الداري وإخوته ، حبرون والمرطوم وبيت عينون وبيت إبراهيم وما فيهن نطية بتٍّ بينهم، ونفذتُ وسلمتُ ذلك لهم ولأعقابهم، فمن آذاهم آذاه الله، فمن آذاهم لعنه الله. شهد عتيق بن أبي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ، وكتب علي بن أبي طالب وشهد .
2ـ بعد الفتح العمري لبيت المقدس قام سيدنا عمر رضي الله عنه بتسليم ما أنطاه ” أعطاه ” الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابي الجليل تميم رضي الله عنه. وقد حرص حكام الأمة من أمراء وخلفاء وسلاطين على إمضاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم بما أعطاه للداريين الذين بقوا ينتفعون من هذا الوقف منذ عهد أمير المؤمنين عمر إلى يومنا هذا.
وقد حصل في زمن الإمام الغزالي أن أحد الولاة حاول انتزاع أراضي الإنطاء من الداريين، ولما احتج الداريون بالكتاب قال القاضي أبو حامد الهروي الحفني، هذا الكتاب ليس بلازم، لأن النبي أقطع تميماً ما لم يملك، وعندما استفتي الإمام الغزالي وكان ببيت المقدس قال: هذا القاضي كافر، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “زويت لي الأرض كلها”، وكان يٌقطع في الجنة فيقول، قصر كذا لفلان، فوعده صدق وعطاؤه حق.
3ـ حاولت حكومة الإنتداب البريطاني إبان إحتلالها لأرض فلسطين منازعة أحفاد تميم في إنطاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم فقضت المحكمة المركزية في القدس عام 1927 بصحة هذا الوقف وبأحقية أحفاد تميم فيه، وبرفع أي إعتداء عليه من قبل السلطة المحتلة آنذاك.
سماحة المفتي العام
4ـ وفي هذا الأوان وبالتحديد في عام 2009 سعت البعثة الروسية لبطريركية موسكو/القدس إلى فتح معاملة تسجيل جديد رقم 227/ق/2009 لتسجيل القطعة على اسمها في دائرة الطابو في محافظة الخليل فاعترضت عوائل آل تميم والمجاورين للقطعة وعموم عشائر الخليل على ذلك. وبعد رفع الأمر إلى اللجنة البدائية لتسجيل الأموال غير المنقولة التي نظرت في المعاملة وبالرغم من طلب الجهات العليا في السلطة الاستعجال فيها وبعد النظر والبحث أصدرت اللجنة الابتداية قرارا برد المعاملة ورفض طلب البعثة وذلك لعدم لوجود تسجيل سابق للقطعة في الطابو .الا ان جهات سياسية تدخلت مرة أخرى وبشكل مفاجئ أعيد طلب التسجيل لنفس القطعة بعد قبول الاستئناف المقدم من البعثة الروسية واستمرت اللجنة الابتدائية بالنظر في القضية –بالرغم من تغيير رؤساء اللجنة عدة مرات في النظر إدعاء الملكية والاعتراضات عليها حتى عام 2016، حيث توصلت اللجنة إلى رفض معاملة التسجيل لعدم أحقية البعثة الروسية في طلبها.
5ــ بتاريخ 31/3/2016 صادق رئيس السلطة على قرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 27/2/2016 والقاضي بإستملاك قطعة الأرض رقم 197 حوض 34405 الواقعة في خلة المغاربة من أراضي الخليل ـــ القطعة هي جزء من وقف الصحابي الجليل تميم الداري ـــ لصالح الخزينة العامة ولمنفعة البعثة الروسية لبطريركية موسكو/القدس.
6ـ تقدمنا بواسطة متولي الوقف بطعن لدى محكمة العدل العليا سٌجل تحت رقم 103/2016 لإلغاء قرار الإستملاك كونه قد تم خلافاً لنص المادة 21/3 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل ولجهة أجنبية وليس للمنفعة العامة.
7ــ بتاريخ 23/6/2016 أصدرت محكمة العدل العليا قراراً مؤقتاً و/أو مستعجلاً بوقف تنفيذ قرار الإستملاك لحين الفصل في دعوى عدل عليا رقم 103/2016.
8ــ رئيس السلطة وفي تحدٍ سافر للقرار المذكور أعطى تعليماته لرئيس سلطة الأراضي بواسطة مديرة مكتبه السيدة إنتصار أبو عمارة بتنفيذ قرار الإستملاك وذلك بموجب كتاب صادر عن الأخيرة بتاريخ 4/1/2017.
9ــ دائرة التسجيل قامت بتنفيذ تعليمات رئيس السلطة وسجلت القطعة موضوع الدعوى بإسم البعثة الروسية لبطريركية موسكو/القدس، بموجب معاملة هبة.
10- إن الإجراء الذي أقدم عليه رئيس السلطة يشكل جريمةً معاقب عليها بموجب:-
أـ المادة 106 من القانون الأساسي الفلسطيني.
ب ـ والمادة 11/2 من قانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2005 والتي تحظر على رئيس السلطة أن يُهدي شيئاً لأملاك الدولة.
سماحة المفتي العام
إن الجهة المستملك العقار لمنفعتها وهي الإرسالية الروسية لها تاريخ قاتم السواد في تسريب العقارات لدولة الاحتلال.
شاهد ذلك ما تم في 17/10/1964 عندما باعت هذه الإرسالية بواسطة حكومة الاتحاد السوفيتي آنذاك ثمانون عقاراً في فلسطين لدولة الاحتلال، وقد وقعت الاتفاقية آنذاك المجرمة سفاكة الدماء غولدا مائير عن دولة الاحتلال، وقد عرفت هذه الاتفاقية بصفقة البرتقال.
وقد سربت هذه الإرسالية أيضاً مبنى المسكوبية في القدس الذي جعلته دولة الاحتلال مركز تحقيق يعذب فيه أسرانا البواسل، وقد قضى الكثير منهم شهداء تحت وطأة جلادي الاحتلال.
ومن ذلك أيضاً ما كشفت عنه وسائل الاعلام مؤخراً عن قيام بطريركية الروم الارثوذكس في القدس في شهر آب (أغسطس) من العام 2016 ببيع 500 دونم من الأراضي التابعة لها في الأحياء ” الطالبية ونيوت” في القدس الغربية لشركة إسرائيلية خاصة تدعى ” نيوت كومميوت هشكعوت “.
وقبل هذا الجُرم بأشهر أقدمت البطريركية المذكورة ببيع 1000 دونم من أراضي قيسارية لمؤسسة صهيونية تُعنى بدعم المستوطنات.
وكذا الجريمة النكراء التي أقدمت عليها بطريركية الروم الارثوذكس في عام 2005 عندما قامت ببيع ثلاث عقارات في باب الخليل ــ ميدان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـــ داخل البلدة القديمة في القدس.
سماحة المفتي العام
إننا إذ نعرض عليكم هذا الأمر لا ننطلق من حقٍ شخصي… فالقضية ليست قضية تراب وطين بل هي صلب العقيدة والدين. فالأمر يتعلق بقول وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ـــ الذي لا ينطق عن الهوى ـــ ، والسنة النبوية كما هو معلوم لا يكتمل إيمان المرء إلا بالتصديق بها والعمل بمقتضاها،( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا).
يقول الإمام العلامة ابن القيم – رحمه الله -: “أولُ مراتب تعظيم الحقِّ – عز وجل – تعظيم أمره ونهيِه، ويكونُ المؤمن بحسبِ هذا التعظيم من الأبرار المشهود لهم بالإيمان والتصديق، وصحة العقيدة، والبراءة من النفاق الأكبر“.
وأثر عن الإمام الشافعي قوله ” يسقط كل شيء خالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقوم معه رأي ولا قياس لأن الله قطع العُذر بقوله صلى الله عليه وسلم.”
سماحة المفتي العام
وبعد كل هذا فإن ما يؤمل منكم أن تقف وقفة تغضب فيها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم وتصدع بقول الحق وتسجل في صحيفتك الموقف الذي يرضي الله ورسوله وجماعة المسلمين في إنكار هذا الوبيل لتلقى الله تبارك وتعالى بها قد نافحت عن تشريعه سبحانه على لسان المعصوم صلى الله عليه وسلم أمام تجرؤ السلطة برئيسها ورئيس وزرائها على أمر النبي صلى الله عليه وسلم وضرب قوله وأمره عُرض الحائط إرضاءً للملاحدة الروس.
ونحن جميعاً أمام امتحان واختبار ” هل النبي صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه أحب إلينا أم العلائق الدنيوية من مال ومصلحة ووظيفة ؟ “
وإننا إذ نقول هذا نذكر سماحتكم أننا جميعاً معروضون على الله تبارك وتعالى ويومها سنتجرد من ألقابنا الدنيا ومناصبنا فيها . “وكلهم آتيه يوم القيامة فردا “، ” يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم”، ” إذ تبرأ الذين إتبعوا من الذين إتبعوا ورأوا العذاب وتقطعب بهم الأسباب “
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
تحريراً في 10 /7 / 2017
آل التميمي وجهاء العشائر
