تقرير لوكالة هافينغتون بوست حول قضية وقف الصحابي تميم الداري وسعي السلطة لتمليكها للروس ننشره كما جاء في مصدره

تقرير وكالة هافينغتون بوست

فيما يلي تقرير لوكالة هافينغتون بوست حول قضية وقف الصحابي تميم الداري وسعي السلطة لتمليكها للروس ننشره كما جاء في مصدره

خوفاً من بيعها لإسرائيل .. الفلسطينيون يتصدون لتمليك روسيا أراضٍ وقفية

هافينغتون بوست عربي  |  بكر العتيلي – الضفة الغربية

تم النشر: 21:22 24/03/2016AST تم التحديث: 21:22 24/03/2016AST

يتسلح أهالي وعشائر مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربي، ببعض النصوص التاريخية الموجودة في الكتب الإسلامية القديمة للتصدي لمحاولة الحكومة الفلسطينية تمليك البعثة الروسية البطريكية – موسكو أرضاً بمساحة تزيد على 72 دونماً، وسط مخاوف من أن تكون هذه صفقة لبيع الأرض لإسرائيل.

كنيسة بلا مسيحيين

البعثة الروسية البطريكية – موسكو تدعي أن على هذه الأرض توجد كنيسة يعود تاريخها إلى قرابة 100 عام، إذ بُنيت زمن الانتداب البريطاني لفلسطين، هذا في الوقت الذي تخلو فيه مدينة الخليل من المسيحيين.

النزاع يدور حول قطعة أرض مساحتها أكثر من 72 دونماً استأجرها الروس قبل أكثر من 140 عاماً، وبنوا عليها في عام 1906 كنيسة المسكوبية، والمسكوب تعني الروس (نسبة إلى موسكو(

الكنيسة الروسية تحاول، مستعينة بحكومتها، إقناع السلطة الفلسطينية بتسجيل الأرض باسمها مستغلة ثغرات قانونية تتيح للمستأجر تملّك الأرض ضمن ظروف معينة.

وفي المقابل هنالك معارضة شديدة من أصحاب الأرض، وهي وقفية إسلامية باسم الصحابي تميم الداري، خاصة أن مدة الإيجار كانت لمدة 99 عاماً، وقد انتهت دون تجديد، بل وتم التوقف عن دفع الإيجار منذ عام 1960، وذلك خوفاً من تسلل الاستيطان الإسرائيلي عبر الكنيسة وليس رغبة في هدم الكنيسة أو طرد الرهبان منها.

ويستعين أهالي المدينة بنصّ إسلامي قديم يقول: “هذا ما أعطى محمد رسول الله لتميم الداري وأصحابه: إني أعطيتكم بيت عينون وحبرون والمرطوم وبيت إبراهيم، بذمتهم وجميع ما فيهم، عطية بت، ونفذت وسلمت ذلك لهم ولأعقابهم بعدهم، أبد الآبدين، فمن آذاهم فيه آذى الله، شهد أبوبكر بن أبي قحافة وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب“.

خط أحمر

نص القرار الصادر عن مجلس الوزراء الفلسطيني في 23 فبراير/شباط الماضي، على استملاك الأرض لصالح الخزينة العامة، ولمصلحة البعثة الروسية البطريكية – موسكو، معتمداً على القانون الأساسي لعام 2003 وقانون استملاك الأراضي للمنفعة العامة عام 1953، وحظر القرار على مالكي الأرض والمنتفعين التصرف بها.

وجاء فيه “يحظر على مالكي الأرض المذكورة التصرف بها بأي نوع من أنواع التصرف، والمبادرة برفع أيديهم عنها فور مصادقة الرئيس الفلسطيني على القرار“.

وحول هذا القرار قال الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، يوسف المحمود، لـ”هافينغتون بوست عربي” إن القرار الذي أصدره مجلس الوزراء يعود لسلطة الأراضي ذات الاختصاص، مؤكداً أن القرار كان وفق القانون الفلسطيني، رافضاً الاتهامات الموجهة للحكومة بالالتفاف على القانون.

وبدوره أكد مستشار الرئيس الفلسطيني نمر حماد أن القرار قانوني وتاريخي، رافضاً الرد على الاتهامات الموجهة من قبل العشائر والحراك السياسي.

د. ماهر الجعبري، عضو الحراك السياسي المعارض لهذا القرار، قال لـ”هافينغتون بوست عربي” إن مدينة الخليل هي إعطاء لتميم الداري وأخيه نعيم، وهي مسألة لا خلاف عليها على مدى التاريخ الإسلامي.

وأضاف: “نحن سكان الخليل من غير آل تميم نملك منفعة الأرض ولا نملك التصرف بها”، معتبراً أن هذه الأرض خط أحمر ولها أبعاد سياسية وقضية حساسة تمسّ المقدسات الإسلامية.

وأوضح الجعبري: “هناك مراسلات بين الرئاستين الفلسطينية والروسية تتعهد فيه رئاسة السلطة بتمليك الروس للأرض، ولا يمكن أن تجرؤ السلطة على تمليك هذه الأرض للروس لولا أنه يوجد تنسيق بين إسرائيل والسلطة وروسيا، خاصة أنه – وحسب اتفاق أوسلو – تعترف السلطة بأن هذه الأراضي يهودية ويتحمل الأمن الفلسطيني مسؤولية الحفاظ عليها، وأهم ما ذكر هو بلوطة سيدنا إبراهيم (عليه السلام) التاريخية“.

وقال إنه في حال استكملت الحكومة إجراءات التمليك فقد نصل إلى حالة من إعلان العصيان المدني ضد الحكومة الفلسطينية والتوقف عن دفع الضرائب، و”لسان حالنا يقول كيف ندفع لسلطة من أموالنا، وهي تتآمر علينا لتمليك الروس أراضي فلسطينية مقدسة“.

سمسرة لمصلحة الاستيطان

وحذر الجعبري من أن هذا القرار يندرج في إطار السمسرة على الأرض لصالح بيعها لإسرائيل وإقامة مستوطنة يهودية جديدة في الخليل، قائلاً: “نحن أمام خطر حقيقي لإقامة مستوطنة إسرائيلية جديدة تطبق الخناق على المدينة من الشرق والغرب“.

وبدوره أكد الشيخ تيسير التميمي، قاضي القضاة السابق أحد نظراء الوقف على هذه الأراضي، أن هذا الإجراء – إن مرّ – فإنه “اغتصاب بالقوة، وامتداد للاحتلال الإسرائيلي“.

وأضاف: “نحن نرى بوادر ذلك من خلال تاريخ هذه الكنيسة، التي باعت عام 1965 أملاكها في القدس لليهود مقابل برتقال يافا، بما عُرف بصفقة البرتقال، ومن ضمن هذه الأملاك الكنيسة المسكوبية في القدس، وهي الأن مركز اعتقال وتحقيق إسرائيلي“.

وتابع التميمي: “وقبل هذا باعت الكنيسة السويدية بيت البركة في العروب، وتم ضمها لمجمع غوش عتصيون في الخليل، وقبلها باعت الكيسة الأرثوذكسية الغربية ميدان عمر بن الخطاب في باب الخليل في القدس لليهود“.

إجراء باطل

ويؤكد التميمي الذي قدم ادعاء معارضاً لتمليك الأرض للكنيسة الروسية، أن هذه الأرض فيها من التاريخ الممتد منذ النبي إبراهيم (عليه السلام)، حتى الدولة العثمانية.

وأوضح أن جل هذه الأراضي فارغة، وهي تضم بلوطة النبي إبراهيم التاريخية، التي تعتبر أقدم شجرة في التاريخ ويبلغ عمرها 5000 عام، وفيها مستشفى عثماني قديم، ومقبرة للجنود العثمانيين، ومقبرة للجنود الأردنيين، وفيها كنيسة أنشئت زمن الانتداب البريطاني.

وأوضح التميمي أن “هناك طلب للكنيسة منذ 2009 للقضاء الفلسطيني بتسجيل الأرض باسم الكنيسة، ونحن اعترضنا على ذلك، وما زالت القضية قيد الدراسة ومآلها الى الفشل؛ لأنه – وحسب القانون الفلسطيني – فإنه لا يجوز استملاك أرض وقف، لكن الحكومة تجاوزت الأعراف القانونية باستملاك الأرض لتمرير مشروع التمليك، وسنطعن في هذا القرار“.

تعليقات الفيس بوك